
في تصريح لموقع « الاستدامة » (sustainability.ma)، أبرز رئيس مركز الدراسات والاستشارات من أجل الاستدامة، الدكتور عبدالكريم كعداوي، أن الخطاب الملكي السامي، بمناسبة الذكرى 24 لتربع جلالة الملك على عرش أسلافه المنعمين، حدد معالم ومقومات المملكة المغربية المستدامة، لاسيما وأن خطاب عيد العرش يعتبر محطة مرجعية في إقرار اختيارات المملكة وتوجهاتها الاستراتيجية، ويشكل بوصلة الأداء في مجموعة من المجالات والسياسات والقطاعات، وفق مقاربة استشرافية مؤطَّرة بالواقعية وبُعد النظر، ومفعمة بعراقة التلاحم بين العرش والشعب.
وفي السياق ذاته، أكد الدكتور عبدالكريم كعداوي أن الخطاب الملكي السامي ذكّر بما يتحلى به المغاربة من خصال حميدة وقيم راقية وتقاليد عريقة مكنتهم من إقامة « دولة-أمة »، قوية وموحدة، قادرة على الإنجاز وكسب التحديات عبر تاريخها الطويل والحديث. ومن أجل استدامة هذا الرصيد الحضاري وتطويره، ركز الخطاب الملكي على قيمة « الجدية » باعتبارها مجموعة من « المبادئ العملية والقيم الإنسانية »، التي ينصهر في بوتقتها حب الوطن الموحَّد؛ وتلاحم بنياته المجتمعية والأسرية/العائلية، وتميز شبابه ونبوغه من خلال الاجتهاد والإبداع والابتكار، وهو ما يتطلب أن تظل « الجدية » « مذهبا في الحياة العامة » و »منهجا متكاملا »، شاملا لجميع المجالات: السياسية والإدارية والقضائية والاجتماعية والاقتصادية، وبكل ما يقتضيه ذلك من « ربط ممارسة المسؤولية بالمحاسبة، وإشاعة قيم الحكامة والعمل والاستحقاق وتكافؤ الفرص ».
من جهة أخرى، يضيف رئيس مركز الاستدامة، فإن الخطاب الملكي شدد على أربعة نقاط مؤطرة للجدية، بمعناها المغربي الأصيل، في ظل تزعزع منظومة القيم واستفحال تشابك الأزمات عالميا، وهي تجسيد لشعار المملكة الخالد: الله – الوطن – الملك، بما يشمله من تمسك بالقيم الدينية والوطنية؛ وتشبث بالوحدة الوطنية والترابية؛ وصيانة الروابط الاجتماعية والعائلية، المعززة لقيم التضامن والتماسك؛ ومواصلة المسار التنموي، المحقق للتقدم الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والمجالية.
كما أكد خطاب العرش، يتابع الدكتور عبدالكريم كعداوي، على أبعاد الأمن الطاقي والمائي والغذائي في سياق تحقيق تنمية مستدامة، بأبعادها الشاملة: الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والحكامتية، وذلك من خلال تكريس الجدية، و »إشاعة الثقة، واستثمار الفرص الجديدة لتعزيز صمود وانتعاش الاقتصاد الوطني »، بما يحسن الأوضاع المعيشية للمواطنين ويصون كرامتهم، وهو ما يشكل ركيزة أساسية للنموذج التنموي والاجتماعي الذي يرعاه جلالة الملك. وقد أكد جلالته -بالحرف- على أنه « لن نتساهل مع أي شكل من أشكال سوء الحكامة والتدبير »، في سياق العناية الملكية التي يوليها للأمن المائي، باعتبار الماء مادة حيوية وركيزة أساسية لكل استدامة واستمرارية واستقرار بشري، خصوصا في ظل الظروف الراهنة المطبوعة بتسارع مظاهر التغيرات المناخية وتنامي النزاعات والأزمات ذات الطبيعة الجيواستراتيجية حول الماء.
وتكريسا لمعالم ومقومات المملكة المستدامة، فإن منجزات وتطلعات السياسة الخارجية ظلت حاضرة في الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش، يضيف رئيس المركز، في انسجام مع محددات الجدية الأربع التي سطرها نفس الخطاب، وذلك من خلال الزخم الإيجابي الذي تعرفه قضية الوحدة الترابية للمملكة، والتعاطي المبدئي والمعلن للمملكة مع القضايا العادلة، لاسيما الانتصار للحق الفلسطيني، والتأكيد على استمرار سياسة اليد الممدودة مع الجار الجزائري، وهي إشارات تجسد المبادرات الخلاقة والتطلعات الطموحة للمملكة في تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار لشعوب المنطقة والعالم، كما تجسد حضور المملكة المغربية القوي ورصيدها النوعي والمستدام من التعاون الدولي والقاري والإقليمي.
- By: Karim
- 0 comment
Laisser un commentaire